من اجمل ما كتب الشاعر الكبير جرير و هى
بان الخليط وهي قصيدة عمودية من البحر البسيط،
فيها من الشوق والحنين للحبية ما فيها، وقد أصرّ جرير
على أن يقف وقفة الشعراء الجاهليين، فقال فيها:
بان الخليط وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَانَا وقطعوا منْ حبالِ
الوصلِ أقرانا
حَيِّ المَنَازِلَ إذْ لا نَبْتَغي بَدَلاً بِالدارِ داراً، وَلا
الجِيرَانِ جِيرَانَا
يُصرُّ جرير بن عطية على أن يقف وقفة الشعراء الجاهليين في
مطلع قصيدته هذه، فيفتتحها بشكل خفيٍّ بمظهر الظعائن
التي تغادر أماكنها وكأنه واقف على طلل يشاهد آثار ديار محبوبته،
ومعنى بان أي ابتعد وغاب، والخليط هو الصاحب ويقصد هنا المحبوبة،
فيصف في مطلع النص غياب محبوبته وتقطيعها حبال الوصل بينها وبينه،
ثم يحيِّي جرير ديارها ويؤكّد أنَّه لن يستبدلَ هذه الديار بأيِّ دار
أخرى ولن يقبلَ غير أهلها جيرانًا له.
قَدْ كنْتُ في أثَرِ الأظْعانِ ذا طَرَبٍ مروعًا منْ حذارِ
البينِ محزانا
يا ربَّ مكتئبٍ لوْ قدْ نعيتُ لهُ بَاكٍ،
وآخَرَ مَسْرُورٍ بِمَنْعَانَا
لوْ تعلمينَ الذي نلقى أويتِ لنا أوْ تَسْمَعِينَ إلى
ذي العرْشِ شكوَانَا
كصاحبِ الموجِ إذْ مالتْ سفينتهُ يدعو إلى اللهِ إسراراً وإعلانا
ثمِّ يواصل جرير في هذه الأبيات وصفَهُ للأظعان والظعن
هو الترحال والتنقل الذي كانت تقوم به قبائل العرب في تلك
الأيام بحثًا عن الماء والكلأ، فيصفه حالَهُ وشدة حزنه التي يلاقيها
بعد فراق محبوبته، ثم يصف حال الناس الذين يشاهدون شدّة حزنه
على فراق أحبته، فهم مختلفون بين باكٍ عليه ومسرور لحاله،
ثمَّ يخاطب محبوبته فيقول: لو كنت تعلمين ما حلَّ بي بعد فراقك
ولو كنت تسمعين شدّة ابتهالي ودعائي إلى رب العرش، لكنت
عدتِ إليَّ، ثمَّ يأتي بتشبيه تمثيلي يصف فيه ويشبه فيه شدّة
حزنه ومأساته ببحّار في البحر هاجت به العواصف فماج به البحر
فأصبحت يبتهل ويتضرّع إلى الله خشية الهلاك.
يا أيّهَا الرّاكِبُ المُزْجي مَطيّتَهُ بَلِّغْ تَحِيّتَنَا، لُقّيتَ حُمْلانَا
بلغْ رسائلَ عنا خفَّ محملها عَلى قَلائِصَ لمْ يَحْمِلْنَ
حِيرَانَا
كيما نقولَ إذا بلغتَ حاجتا أنْتَ الأمِينُ،
إذا مُستَأمَنٌ خَانَا
الشرح القصيدة البان خليط
- شرح قصيدة بان الخليط ولو طوعت ما بانا
- تحليل قصيدة جرير بان الخليط